ترى هل حدثتك نفسك يوما أن تكون من الأوائل في مجال ما ؟
ترى هل راود خيالك يوما ما حلم بأن تصبح أول من فعل شيء في أي شيء ؟
أعنى هنا أن تكون بالفعل أول من فعل هذا الشيء ، لا أن تدعي أنك أول من فعله
مثلا :
أول من اخترع الصفر هم العرب ، وهذا معروف
أول من قام بالتقطير هم العرب (ابن سينا)
أول من .. أول من .. معظمنا يعرف هؤلاء الأوائل ،، لكن تأملوا معي الآتي
أول من ابتكر الاسطرلاب العالم أبو بكر الفزاري ، وأول من اخترعه العالم أحمد الصاغاني (الاسطرلاب آلة فلكية دقيقة تصور حركة النجوم في السماء)
ترى هل حدث بينهما تناحر أو شجار ؟
ترى هل بدأ كل منهما ينسب الأولوية لنفسه ويطعن في الآخر ؟؟
تأملوا كذلك :
أول من فكر في الطيران وحاول الطيران وجرب الطيران مرة وفشل واستطاع بعدها معرفة السبب ووضع المخططات للذيل ولكيفية الطيران الصحيح (عباس ابن فرناس) وأول من اخترع الطائرة (الأخوان رايت) وأول من اخترع الهليكوبتر (إيجورسيكوريسكي)
ورغم عدم نجاح عباس بن فرناس فعليا في الطيران إلا أنه ظل لمدة عشرين سنة بعد محاولة الطيران يقوم بالأبحاث ويضع الأطر الصحيحة للطيران لكنه لم يستطع التجربة لأنه كان قد كبر في السن ، إلا أن التاريخ لازال يذكر وسيظل يذكر إلى الأبد أنه أول من حاول الطيران وأول من وضع قوانينه وأسسه
ترى هل استهزأ به أحد ؟
ترى هل كتبت الكتب والمقالات تتحدث عن قلة معلوماته التي أدت إلى فشله في الطيران وانكسار عموده الفقري ؟
ترى هل أدى فشل التجربة إلى يأسه ؟ أم إلى مزيد من الإصرار أدى إلى اكتشافه سبب الفشل واكتشف التعديل المناسب ؟
ترى هل فعلا قد فشل هذا الرجل ؟ أم أنه أسدى للبشرية معروفا سيظل محفورا بإسمه أبد الدهر ؟
دعوني أسألكم سؤالا .
هل ينبغي على الشخص قبل أن يكون من الأوائل أن يلم بكل جوانب المجال الذي سيقتحمه كي نصفق له ونهلل له ؟
أم أنه يكفيه شرف البداية ثم إنه بالممارسة والخبرة سوف تصقل خبرته ويزداد وعيه وإدراكه ومهاراته ؟
مشكلتنا في عالمنا العربي أننا نفتقد إلى معايير الحكم الصحيح الموضوعي المبني على أسس علمية
وكلنا يسارع بالحكم المبني على الهوى والعاطفة بلا أي قواعد علمية وبناءا على الظن بل سوء الظن ،،
لذا في الغالب يخالف حكمنا الصواب والحقيقة دائما .
قد تتساءلون لم أكتب هذا المقال وما هو مغزاه ؟
وأصارحكم القول أني أكتبه بضيق لما رأيت على الساحة في الأسبوعين الماضيين فقط من تلاسن بعض العاملين في مجال التنمية الذاتية على بعضهم البعض ، واتهامهم لبعضهم البعض وتعالي بعضهم على البعض بصورة لا تليق أبدا بمن يتصدى للعمل في هذا المجال .
وأصارحكم القول أيضا بأن هذا ينم عن قلة في الوعي وقلة في الفهم والعلم والإدراك
أريد أن أنبهكم إلى قاعدة علمية ودينية وفقهية هامة للغاية .
(من يجتهد ويصيب له أجران ، ومن يجتهد ويخطئ فله أجر) .
وهذا حث شرعي لكي يسارع الجميع للاجتهاد ، كل بحسب قدراته وبحسب مهاراته وخبراته مهما كانت بسيطة أو ضئيلة .
ولكي يفتح الباب على مصراعية للجميع بالاجتهاد في العلم ، أثاب المجتهد المخطئ جزاء اجتهاده ، وضاعف ثواب المجتهد المصيب جزاء اجتهاده وجزاء صوابه .
ترى هل تعون هذه القاعدة الخطيرة ؟
ترى هل تدركون مغزاها وعمقها ؟
معناها أنه من الشرع ومن الدين أن يجتهد كل شخص قدر استطاعته للعمل والمبادرة في كل مجال يحب العمل فيه ويسعى بشدة وبقوة للإضافة فيه والتطور والتقدم فيه وأن لا يخشى أبدا الأخطاء ولا الصعوبات ولا حتى الفشل . بل ومع كل هذا ، وإذا أخطأ ولم يصب ، سوف يثاب على اجتهاده وإخلاصه .
هذا هو سر التقدم الرهيب الذي تفجر في قبائل العرب التي كانت تعيش حياة البادية ورعي الغنم ولا تفقه في مجال العلم شيئا ليصبحوا في وقت قياسي سادة الحضارة وقادة عصر التنوير في العالم أيام العصور المظلمة التي كانت تعيش فيها دول أوروبا والعالم
وبهذا أيضا سيتم فتح المجال للتقدم والاحتراف والعلم والمهارة أن يتسللوا إلى دولنا العربية شيئا فشيئا في السنين القليلة القادمة إذا لم يتم محاصرة المجتهدين والاستهزاء بهم وتتبع زلاتهم وأخطائهم .
لا مانع في أن تنبه أحد على خطأه ، لكن بينك وبينه وليس بهدف التشهير والفضح على الملأ .
نقطة أخرى مستفزة .
هل أصبحتم ترون عامة الناس بسطاء وسذج وفي حاجة لمن ينبههم ويكون وصيا عليهم لكي تتحرق قلوبكم عليهم بهذه الطريقة وتتناحرون فيما بينكم وكل منكم يحاول إثبات أنه الأجدر والأفضل والأحسن ؟
فلتتركوا الناس كي يختاروا ، وتركهم هذا سيدربهم على السماع من هذا وذاك وإعمال العقل والمنطق لمعرفة الأصلح والأفيد والأقدر
دعوهم يتخلصوا من عقدة التلقي والتلقين التي تربى معظمنا عليها طوال حياته
دعوا كل فرد يتعلم كيف يسمع من هذا وذاك ، وكيف يميز البسيط من العميق ، والمبتدئ من المتمرس والمحترف
أفسحوا لهم المجال لكي يكونوا ممن بشرهم الله بقوله تعالى
"فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"
أفسحوا المجال لهم كي يتعلمون كيفية استخدام العقل لمعرفة الصالح من الطالح ، ولمعرفة البسيط والمبتدئ من الخبير والمحترف
ليس هذا قدحا في البسيط ولا في المبتدئ ، فلكل شخص فئة من الناس تكون مناسبة له ، وتدريجيا ، وشيئا فشيئا سيصبح الطرفان في مصاف المتميزين الخبراء ،، فلم يولد أحد منا خبيرا ولا متميزا وإنما كلنا مررنا بمراحل النمو العلمية المعروفة
فأي شخص في مجال العلم لابد له من أن يمر بمراحل ثلاث
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
المرحلة الأولى : المرحلة التي يدرك فيها أنه ينقصه العلم ويسعى بجد واجتهاد للبحث عن العلم والمعرفة بتوق ولهفة وشغف
المرحلة الثانية : مرحلة يخيل له أنه قد أحاط بكل شيء علما فيظن نفسه عالما فيه وخبيرا ومتمكنا منه وأهلا للإفتاء فيه
المرحلة الثالثة : بزيادة علمه وخبرته يدرك أنه لا يعلم شيئا عن العلم وأن أمامه الكثير جدا حتى يدرك بعضا من هذا العلم الواسع
وتسمى هذه المراحل بمراحل النمو العلمية (مرحلة الطفولة العلمية – مرحلة المراهقة العلمية – مرحلة الرشد والنضج العلمية)
تماما كمراحل نمو الإنسان ، ومراحل نمو أي شيء
"وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ"
وهذه مراحل طبيعية ، من لا يدركها ويفطن لها يبدأ في التلسين والتشهير بمن هم في مرحلة المراهقة العلمية ، وأصارحكم القول أن هناك أناس كثيرون يقفون عند هذه المرحلة ، لذا أحببت الإشارة إليها كي يسارع كل من يقف عندها إلى الانتقال إلى المرحلة التي بعدها ، مرحلة الرشد والنضج العلمي ليعلم أنه مهما بلغ من العلم فهو لم يحط إلا بأقل القليل من هذا العلم
كما أحب أن أشير إلى أنه لا مانع في أن تضعوا قواعد للناس لاكتشاف المتميز من الضعيف .
ولا مانع من أن تضعوا كذلك قواعد لهم لاكتشاف الأول بصدق ممن يدعي الأولوية بالتلاعب بالكلمات
ضعوا قواعد واتركوا الناس تفكر ، لكن لا تحكموا ولا تصفوا ولا تتدخلوا في نيات الناس بسوء ظن وسوء نية
وكما تدربون الناس على النظر إلى الإيجابيات ، وكما تعلمون الناس أن ينظروا إلى نصف الكأس المليان ، فلتنظروا أنتم إلى نصف الكأس المليان ولتدركوا أن كل من في المجال يضيف شيئا جديدا لشباب ربما يكونون أجهل مما تتخيلون بهذه العلوم وهذه المهارات الفنية والتقنيات
فلا تنظروا أبدا إلى أخطائهم ، ولا تتبعوها ، وانظروا إلى كم الاستفادة التي يقدموها لغيرهم من الشباب البسيط الذي على بداية سلم اكتساب الخبرات الجديدة والمهارات الفنية في حياته.
إذا رأيتم شخصا ناجحا يتهافت عليه الناس ويتعلمون منه فلتستفيدوا من الغيرة التي تشتعل بداخلكم
وظفوا الغيرة لكي تزيد حماسكم للإفادة والإضافة والعلم والخبرة بدلا من أن توظفوا الغيرة للنيل والتلاسن والتناحر والقيل والقال . وهذا دأب الفارغين الحاقدين
إن ما يحدث على الساحة ، ظاهرة نفسية صحية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ربما لن يدرك بعضكم تبعاتها اليوم ، لكن في الخمس سنوات القادمة ستذهلون من المستوى الفني والمهاري والعلمي لمن كنتم تتهكمون عليهم بالأمس لقلة علمهم مثلا أو لضعف أسلوبهم في الإلقاء أو التعليم أو غيره مما تتشدقون به .
أطالب كل فرد أن يركز على هدفه ، ينظر أمامه ، يتقي الله في علمه وفي نقل العلم والخبرة للناس ، لا تلتفت إلى زملائك ولا إلى أخطائهم ، إن كنت صافي القلب فستنبه الزميل لخطأ ما بما يفيده ليسير إلى جوارك وإن كنت لا تملك الوقت فلا تضيع وقت الناس في النقاش الذي لا يفيد .
وأطالب كل مجتهد أن يحرص دائما على أن يكون من الأوائل . في بلده .. في محافظته .. في مدينته .. في قريته .. لا تلتفت للمحبطين ، لا تلتفت للمثبطين ، بل حتى لا تلتفت إلى قلة علمك ، فلن يحط أحدنا بأي شيء علما مهما طال به العمر وسنظل على الدوام تنطبق علينا الآية الكريمة
" وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا "
أصارحكم القول أني في الماضي كنت أتضايق بشدة لما لحق بالتنمية الذاتية من تشويه وإشاعات بسبب ضعف بعض المدربين الذين تصدروا للتدريب ، إلا أنني سرعان ما أدركت ووعيت لأهمية هذه النقطة وفطنت إلى أنها مرحلة انتقالية لابد لها من أن تحدث ، وأنها من الظواهر الصحية المرغوب فيها والتي سوف تؤتي ثمارها قريبا بإذن الله
لذا أحب أن أقولها بقوة لكل من يقرأ هذه الكلمات،،
هيا ،، قم وانطلق
بلغ الناس وعلمهم ما تعرفه من علم ، مهما كان بسيطا ، لكن احرص أن يكون علما صحيحا فأذهان الناس وعقولهم أمانة في عنقك يوم القيامة
.بلغ حتى ولو آية فرسولنا الكريم ترك الباب مفتوح للجميع ليضع المنهج النفسي العلمي الرائع بقوله "بلغوا عني ولو آية" .
احرص على أن تكون من الأوائل ، الأوائل بالفعل ، لا بالتلفيق والتلاعب بالكلام والألفاظ لتسوق لنفسك وتقنع الناس أنك أول من ينشئ هذا العلم . ضع نصب عينيك أن ربك سيحاسبك حسابا عسيرا وأنك ستنقلب إليه يوم القيامة فاتق الله وكن على قدر المسئولية الملقاة على عاتقك .. فالعلم أمانة ، ومن لا يؤدها حق تأديتها يعتبر في عرف الشرع خائن للأمانة وخيانة الأمانة حسابها عند الله عسير .
إحقاقا للحق ، وتكريما للمجتهد ، أحب في هذا المقام أن أقدم إعجابي وتقديري للأخ الزميل محمد زكريا ، الذي يعتبر بحق أول من قام بتدريب الشباب على قانون الجذب في مصر ، والذي أصارحكم بأني أشتعل إعجابا بشخصيته وإصراره على هدفه رغم ما ينال من قدح الألسنة وتتبع الزلات ، ورغم أنه كان له النصيب الأكبر من القدح والذم في المقالات التي قرأتها في الفترة الماضية ،
قد أكون غير ملما بمدى علمه ، إذ لم يحالفني الحظ أن أراه في مجال التدريب ، لكني لا ولن أقيم أحد علميا ، فنحن جميعا نسعى لنتجرع من نهر العلم كل بحسب اجتهاده وكل بحسب إتقانه وإخلاصه ، وإنما أنا أقيم اجتهاده ، وإصراره ومهارته وذكائه وصبره ومثابرته وعفويته وتلقائيته وبساطته وأدعو الله له أن ينال ما يصبو إليه وأن يحقق كل أحلامه وأمنياته في الدنيا والآخرة . وأوصيه أن يحرص دائما على تقوى الله في كل ما يفعل وأن يكون على قدر المسئولية للأمانة التي يتصدى لحملها
كما أحيي أيضا الطالب العبقري الذي دخل إلى مجال التدريب حديثا الدكتور أمين محمود ، والذي أرى فيه باكورة عالم كبير مستنير العقل ، عميق الوعي والفهم والذي أتشوق يوما أن أقرأ في مجال الديناتولوجي الذي ابتكره وبدأ حديثا في نشره بين الناس . وأدعو الله له بأن يرزقه العلم والحكمة وأن يعلمه مما يشاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
خالص تحياتي وتقديري للجميع
الدكتورأحمد عمارة
1-11-2010
ترى هل راود خيالك يوما ما حلم بأن تصبح أول من فعل شيء في أي شيء ؟
أعنى هنا أن تكون بالفعل أول من فعل هذا الشيء ، لا أن تدعي أنك أول من فعله
مثلا :
أول من اخترع الصفر هم العرب ، وهذا معروف
أول من قام بالتقطير هم العرب (ابن سينا)
أول من .. أول من .. معظمنا يعرف هؤلاء الأوائل ،، لكن تأملوا معي الآتي
أول من ابتكر الاسطرلاب العالم أبو بكر الفزاري ، وأول من اخترعه العالم أحمد الصاغاني (الاسطرلاب آلة فلكية دقيقة تصور حركة النجوم في السماء)
ترى هل حدث بينهما تناحر أو شجار ؟
ترى هل بدأ كل منهما ينسب الأولوية لنفسه ويطعن في الآخر ؟؟
تأملوا كذلك :
أول من فكر في الطيران وحاول الطيران وجرب الطيران مرة وفشل واستطاع بعدها معرفة السبب ووضع المخططات للذيل ولكيفية الطيران الصحيح (عباس ابن فرناس) وأول من اخترع الطائرة (الأخوان رايت) وأول من اخترع الهليكوبتر (إيجورسيكوريسكي)
ورغم عدم نجاح عباس بن فرناس فعليا في الطيران إلا أنه ظل لمدة عشرين سنة بعد محاولة الطيران يقوم بالأبحاث ويضع الأطر الصحيحة للطيران لكنه لم يستطع التجربة لأنه كان قد كبر في السن ، إلا أن التاريخ لازال يذكر وسيظل يذكر إلى الأبد أنه أول من حاول الطيران وأول من وضع قوانينه وأسسه
ترى هل استهزأ به أحد ؟
ترى هل كتبت الكتب والمقالات تتحدث عن قلة معلوماته التي أدت إلى فشله في الطيران وانكسار عموده الفقري ؟
ترى هل أدى فشل التجربة إلى يأسه ؟ أم إلى مزيد من الإصرار أدى إلى اكتشافه سبب الفشل واكتشف التعديل المناسب ؟
ترى هل فعلا قد فشل هذا الرجل ؟ أم أنه أسدى للبشرية معروفا سيظل محفورا بإسمه أبد الدهر ؟
دعوني أسألكم سؤالا .
هل ينبغي على الشخص قبل أن يكون من الأوائل أن يلم بكل جوانب المجال الذي سيقتحمه كي نصفق له ونهلل له ؟
أم أنه يكفيه شرف البداية ثم إنه بالممارسة والخبرة سوف تصقل خبرته ويزداد وعيه وإدراكه ومهاراته ؟
مشكلتنا في عالمنا العربي أننا نفتقد إلى معايير الحكم الصحيح الموضوعي المبني على أسس علمية
وكلنا يسارع بالحكم المبني على الهوى والعاطفة بلا أي قواعد علمية وبناءا على الظن بل سوء الظن ،،
لذا في الغالب يخالف حكمنا الصواب والحقيقة دائما .
قد تتساءلون لم أكتب هذا المقال وما هو مغزاه ؟
وأصارحكم القول أني أكتبه بضيق لما رأيت على الساحة في الأسبوعين الماضيين فقط من تلاسن بعض العاملين في مجال التنمية الذاتية على بعضهم البعض ، واتهامهم لبعضهم البعض وتعالي بعضهم على البعض بصورة لا تليق أبدا بمن يتصدى للعمل في هذا المجال .
وأصارحكم القول أيضا بأن هذا ينم عن قلة في الوعي وقلة في الفهم والعلم والإدراك
أريد أن أنبهكم إلى قاعدة علمية ودينية وفقهية هامة للغاية .
(من يجتهد ويصيب له أجران ، ومن يجتهد ويخطئ فله أجر) .
وهذا حث شرعي لكي يسارع الجميع للاجتهاد ، كل بحسب قدراته وبحسب مهاراته وخبراته مهما كانت بسيطة أو ضئيلة .
ولكي يفتح الباب على مصراعية للجميع بالاجتهاد في العلم ، أثاب المجتهد المخطئ جزاء اجتهاده ، وضاعف ثواب المجتهد المصيب جزاء اجتهاده وجزاء صوابه .
ترى هل تعون هذه القاعدة الخطيرة ؟
ترى هل تدركون مغزاها وعمقها ؟
معناها أنه من الشرع ومن الدين أن يجتهد كل شخص قدر استطاعته للعمل والمبادرة في كل مجال يحب العمل فيه ويسعى بشدة وبقوة للإضافة فيه والتطور والتقدم فيه وأن لا يخشى أبدا الأخطاء ولا الصعوبات ولا حتى الفشل . بل ومع كل هذا ، وإذا أخطأ ولم يصب ، سوف يثاب على اجتهاده وإخلاصه .
هذا هو سر التقدم الرهيب الذي تفجر في قبائل العرب التي كانت تعيش حياة البادية ورعي الغنم ولا تفقه في مجال العلم شيئا ليصبحوا في وقت قياسي سادة الحضارة وقادة عصر التنوير في العالم أيام العصور المظلمة التي كانت تعيش فيها دول أوروبا والعالم
وبهذا أيضا سيتم فتح المجال للتقدم والاحتراف والعلم والمهارة أن يتسللوا إلى دولنا العربية شيئا فشيئا في السنين القليلة القادمة إذا لم يتم محاصرة المجتهدين والاستهزاء بهم وتتبع زلاتهم وأخطائهم .
لا مانع في أن تنبه أحد على خطأه ، لكن بينك وبينه وليس بهدف التشهير والفضح على الملأ .
نقطة أخرى مستفزة .
هل أصبحتم ترون عامة الناس بسطاء وسذج وفي حاجة لمن ينبههم ويكون وصيا عليهم لكي تتحرق قلوبكم عليهم بهذه الطريقة وتتناحرون فيما بينكم وكل منكم يحاول إثبات أنه الأجدر والأفضل والأحسن ؟
فلتتركوا الناس كي يختاروا ، وتركهم هذا سيدربهم على السماع من هذا وذاك وإعمال العقل والمنطق لمعرفة الأصلح والأفيد والأقدر
دعوهم يتخلصوا من عقدة التلقي والتلقين التي تربى معظمنا عليها طوال حياته
دعوا كل فرد يتعلم كيف يسمع من هذا وذاك ، وكيف يميز البسيط من العميق ، والمبتدئ من المتمرس والمحترف
أفسحوا لهم المجال لكي يكونوا ممن بشرهم الله بقوله تعالى
"فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"
أفسحوا المجال لهم كي يتعلمون كيفية استخدام العقل لمعرفة الصالح من الطالح ، ولمعرفة البسيط والمبتدئ من الخبير والمحترف
ليس هذا قدحا في البسيط ولا في المبتدئ ، فلكل شخص فئة من الناس تكون مناسبة له ، وتدريجيا ، وشيئا فشيئا سيصبح الطرفان في مصاف المتميزين الخبراء ،، فلم يولد أحد منا خبيرا ولا متميزا وإنما كلنا مررنا بمراحل النمو العلمية المعروفة
فأي شخص في مجال العلم لابد له من أن يمر بمراحل ثلاث
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
المرحلة الأولى : المرحلة التي يدرك فيها أنه ينقصه العلم ويسعى بجد واجتهاد للبحث عن العلم والمعرفة بتوق ولهفة وشغف
المرحلة الثانية : مرحلة يخيل له أنه قد أحاط بكل شيء علما فيظن نفسه عالما فيه وخبيرا ومتمكنا منه وأهلا للإفتاء فيه
المرحلة الثالثة : بزيادة علمه وخبرته يدرك أنه لا يعلم شيئا عن العلم وأن أمامه الكثير جدا حتى يدرك بعضا من هذا العلم الواسع
وتسمى هذه المراحل بمراحل النمو العلمية (مرحلة الطفولة العلمية – مرحلة المراهقة العلمية – مرحلة الرشد والنضج العلمية)
تماما كمراحل نمو الإنسان ، ومراحل نمو أي شيء
"وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ"
وهذه مراحل طبيعية ، من لا يدركها ويفطن لها يبدأ في التلسين والتشهير بمن هم في مرحلة المراهقة العلمية ، وأصارحكم القول أن هناك أناس كثيرون يقفون عند هذه المرحلة ، لذا أحببت الإشارة إليها كي يسارع كل من يقف عندها إلى الانتقال إلى المرحلة التي بعدها ، مرحلة الرشد والنضج العلمي ليعلم أنه مهما بلغ من العلم فهو لم يحط إلا بأقل القليل من هذا العلم
كما أحب أن أشير إلى أنه لا مانع في أن تضعوا قواعد للناس لاكتشاف المتميز من الضعيف .
ولا مانع من أن تضعوا كذلك قواعد لهم لاكتشاف الأول بصدق ممن يدعي الأولوية بالتلاعب بالكلمات
ضعوا قواعد واتركوا الناس تفكر ، لكن لا تحكموا ولا تصفوا ولا تتدخلوا في نيات الناس بسوء ظن وسوء نية
وكما تدربون الناس على النظر إلى الإيجابيات ، وكما تعلمون الناس أن ينظروا إلى نصف الكأس المليان ، فلتنظروا أنتم إلى نصف الكأس المليان ولتدركوا أن كل من في المجال يضيف شيئا جديدا لشباب ربما يكونون أجهل مما تتخيلون بهذه العلوم وهذه المهارات الفنية والتقنيات
فلا تنظروا أبدا إلى أخطائهم ، ولا تتبعوها ، وانظروا إلى كم الاستفادة التي يقدموها لغيرهم من الشباب البسيط الذي على بداية سلم اكتساب الخبرات الجديدة والمهارات الفنية في حياته.
إذا رأيتم شخصا ناجحا يتهافت عليه الناس ويتعلمون منه فلتستفيدوا من الغيرة التي تشتعل بداخلكم
وظفوا الغيرة لكي تزيد حماسكم للإفادة والإضافة والعلم والخبرة بدلا من أن توظفوا الغيرة للنيل والتلاسن والتناحر والقيل والقال . وهذا دأب الفارغين الحاقدين
إن ما يحدث على الساحة ، ظاهرة نفسية صحية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ربما لن يدرك بعضكم تبعاتها اليوم ، لكن في الخمس سنوات القادمة ستذهلون من المستوى الفني والمهاري والعلمي لمن كنتم تتهكمون عليهم بالأمس لقلة علمهم مثلا أو لضعف أسلوبهم في الإلقاء أو التعليم أو غيره مما تتشدقون به .
أطالب كل فرد أن يركز على هدفه ، ينظر أمامه ، يتقي الله في علمه وفي نقل العلم والخبرة للناس ، لا تلتفت إلى زملائك ولا إلى أخطائهم ، إن كنت صافي القلب فستنبه الزميل لخطأ ما بما يفيده ليسير إلى جوارك وإن كنت لا تملك الوقت فلا تضيع وقت الناس في النقاش الذي لا يفيد .
وأطالب كل مجتهد أن يحرص دائما على أن يكون من الأوائل . في بلده .. في محافظته .. في مدينته .. في قريته .. لا تلتفت للمحبطين ، لا تلتفت للمثبطين ، بل حتى لا تلتفت إلى قلة علمك ، فلن يحط أحدنا بأي شيء علما مهما طال به العمر وسنظل على الدوام تنطبق علينا الآية الكريمة
" وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا "
أصارحكم القول أني في الماضي كنت أتضايق بشدة لما لحق بالتنمية الذاتية من تشويه وإشاعات بسبب ضعف بعض المدربين الذين تصدروا للتدريب ، إلا أنني سرعان ما أدركت ووعيت لأهمية هذه النقطة وفطنت إلى أنها مرحلة انتقالية لابد لها من أن تحدث ، وأنها من الظواهر الصحية المرغوب فيها والتي سوف تؤتي ثمارها قريبا بإذن الله
لذا أحب أن أقولها بقوة لكل من يقرأ هذه الكلمات،،
هيا ،، قم وانطلق
بلغ الناس وعلمهم ما تعرفه من علم ، مهما كان بسيطا ، لكن احرص أن يكون علما صحيحا فأذهان الناس وعقولهم أمانة في عنقك يوم القيامة
.بلغ حتى ولو آية فرسولنا الكريم ترك الباب مفتوح للجميع ليضع المنهج النفسي العلمي الرائع بقوله "بلغوا عني ولو آية" .
احرص على أن تكون من الأوائل ، الأوائل بالفعل ، لا بالتلفيق والتلاعب بالكلام والألفاظ لتسوق لنفسك وتقنع الناس أنك أول من ينشئ هذا العلم . ضع نصب عينيك أن ربك سيحاسبك حسابا عسيرا وأنك ستنقلب إليه يوم القيامة فاتق الله وكن على قدر المسئولية الملقاة على عاتقك .. فالعلم أمانة ، ومن لا يؤدها حق تأديتها يعتبر في عرف الشرع خائن للأمانة وخيانة الأمانة حسابها عند الله عسير .
إحقاقا للحق ، وتكريما للمجتهد ، أحب في هذا المقام أن أقدم إعجابي وتقديري للأخ الزميل محمد زكريا ، الذي يعتبر بحق أول من قام بتدريب الشباب على قانون الجذب في مصر ، والذي أصارحكم بأني أشتعل إعجابا بشخصيته وإصراره على هدفه رغم ما ينال من قدح الألسنة وتتبع الزلات ، ورغم أنه كان له النصيب الأكبر من القدح والذم في المقالات التي قرأتها في الفترة الماضية ،
قد أكون غير ملما بمدى علمه ، إذ لم يحالفني الحظ أن أراه في مجال التدريب ، لكني لا ولن أقيم أحد علميا ، فنحن جميعا نسعى لنتجرع من نهر العلم كل بحسب اجتهاده وكل بحسب إتقانه وإخلاصه ، وإنما أنا أقيم اجتهاده ، وإصراره ومهارته وذكائه وصبره ومثابرته وعفويته وتلقائيته وبساطته وأدعو الله له أن ينال ما يصبو إليه وأن يحقق كل أحلامه وأمنياته في الدنيا والآخرة . وأوصيه أن يحرص دائما على تقوى الله في كل ما يفعل وأن يكون على قدر المسئولية للأمانة التي يتصدى لحملها
كما أحيي أيضا الطالب العبقري الذي دخل إلى مجال التدريب حديثا الدكتور أمين محمود ، والذي أرى فيه باكورة عالم كبير مستنير العقل ، عميق الوعي والفهم والذي أتشوق يوما أن أقرأ في مجال الديناتولوجي الذي ابتكره وبدأ حديثا في نشره بين الناس . وأدعو الله له بأن يرزقه العلم والحكمة وأن يعلمه مما يشاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
خالص تحياتي وتقديري للجميع
الدكتورأحمد عمارة
1-11-2010
السبت مايو 30, 2015 10:42 am من طرف soso44
» فوائد صحية
الإثنين سبتمبر 22, 2014 2:03 pm من طرف د.حصة الشمري
» فوائد صحية
الإثنين سبتمبر 22, 2014 2:03 pm من طرف د.حصة الشمري
» فوائد صحية
الإثنين سبتمبر 22, 2014 2:02 pm من طرف د.حصة الشمري
» التعامل النفسى السليم مع الذنوب والمعاصى
الأحد سبتمبر 07, 2014 9:59 am من طرف Tata
» عايزه حل لمشكلتى !!!!
الخميس أغسطس 28, 2014 10:11 pm من طرف noor
» دعاء المظلووووووم
الإثنين يوليو 14, 2014 11:41 am من طرف siraj
» هااااااااااااااااااااااااام جدا
السبت يوليو 12, 2014 9:24 pm من طرف ahmed saleh
» برنامج سميها باسميها رمضان 2014
السبت يوليو 12, 2014 9:22 pm من طرف Admin